ليبيا من حماس الثوار الشبان الى معترك السياسه الواقعيه
من بوابه الفاتح الى باب الانفتاح-من دفاتر الدكتور / أسامه فؤاد شعلان
Dr Usama Fouad Shaalan MD; PhD. – من دفاتر الدكتور / أسامه فؤاد شعلان
وبالرغم من استعجال النظام الجديدلثوره الفاتح من سبتمبر فى ليبيا في إنهاء عقود القواعد العسكرية (البريطانية في برقة، والأمريكية في طرابلس)، وإصراره على رفع حصة ليبيا من إنتاج البترول، الذي كانت تقوم بمعظمه شركات أمريكية، إلا أن العلاقات الأمريكية-الليبية لم تتأثر سلبياً بهذه الخطوات. ولكن بدأت هذه الصورة بالتغيّر تدريجياً مع ارتفاع وتيرة الخطاب الأيديولوجي للنظام الليبي ضد المصالح الأمريكية، مما أدى إلى قيام أمريكا بسحب سفيرها في طرابلس، عام 1973، احتجاجاً على دعم الحكومة الليبية لمجموعات "ثورية" و "إرهابية". ومنذ ذلك التاريخ، وحتى الآن، والعلاقات بين البلدين في تأرجح ما بين حالة توتر وحالة تأزم.
مسار العلاقات وأهم الأحداث والمحطات:
أثرّت عدة تطورات سياسية وعسكرية واقتصادية، بشكل مباشر أو غير مباشر، في تدهور العلاقات الأمريكية-الليبية. وفيما يلي عرضاً تاريخياً موجزاً لأهم الأحداث والمحطات.
أبلغت ليبيا وزارة الخارجية الأمريكية، في 11 أكتوبر 1973، عن نيتها إغلاق خليج السدرة للملاحة العالمية، واعتباره جزء من المياه الإقليمية الليبية. ولما كان هذا يتعدى الـ 24 ميلاً المعترف بها حسب القانون الدولي، رفضت واشنطن الطلب في 11 فبراير 1974، لأن امتداد خليج السدرة يتجاوز 300 ميلاً، ولأن ليبيا لا تملك مقومات إثبات سيطرتها على هذا الخليج الكبير. ولعل السبب الرئيسي وراء هذا الرفض هو الحاجة لاستخدام الخليج من قبل القوات الأمريكية المتواجدة بالبحر المتوسط.
ثم زادت حدة التوتر بين البلدين، في عام 1977، عندما وجهت أمريكا تهمة محاولة اغتيال سفيرها بالقاهرة، هيرمان إيلتز (Hermann Eiltz)، إلى عناصر ليبية. وعلى إثر ذلك قامت الولايات المتحدة، في عام 1978، بمنع بيع معدات عسكرية إلى ليبيا بحجة أنها تساند مجموعات إرهابية. كما استطاع ميلسنت فينويك (Millicent Fenwick)، ممثل ولاية نيوجرسي بمجلس النواب، أن يضيف مادة على (قانون إدارة التجارة الخارجية) مفادها أن تضع وزارة الخارجية قيوداً على حركة التجارة مع كل من ليبيا وسوريا والعراق واليمن الجنوبي، وتُخضع أي سلع أو خدمات أمريكية ترغب هذه الدول في استيرادها إلى موافقة رسمية من الكونغرس.
وفى 2 ديسمبر 1979 أحرق متظاهرون ليبيون مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة الليبية، وأفادت مصادر صحفية بأن السلطات الليبية ربما تكون ضالعة بالعملية. كما برزت، خلال هذه الفترة، قضية التحقيق مع بيلى، شقيق الرئيس جيمي كارتر، الذي كان متعاوناً مع الليبيين، ورتب اجتماعاً بالبيت الأبيض مع القائم بالأعمال الليبي على الحضيري. وفى نهاية هذا الاجتماع كتب الرئيس جيمي كارتر بمذكراته الشخصية قوله: "لقد كانت المرة الأولى التي يأتى الليبيون فيها إلى البيت الأبيض منذ وجودي به. وكان لي معهم نقاش جيد، وشكرت القذافي على مساعدته في قضية الرهائن (في طهران)، وأخبرتهم أن الهجوم على سفارتنا (في طرابلس) ليس له ما يبرره، وهو شئ خطير بالنسبة لنا. وفى حالة إذا ما تم اعتذار رسمي، وإصلاح للسفارة، أو توفير مبنى آخر، والوعد بتوفير حماية لدبلوماسيينا، فإنه تحت هذه الشروط سوف نحاول أن نحسّن من اتصالاتنا مع ليبيا وكذلك علاقاتنا الطويلة الأمد".
إدارة ريغان وارتفاع حدة التوتر:
ولكن بوصول رونالد ريغان للحكم ازداد التوتر بالعلاقات، وتم إقفال السفارة الأمريكية تماماً في مايو 1980، فيما كان النظام الليبي مشغولاً في تصفية معارضيه بالداخل والخارج. وفى سبتمبر 1980 أطلقت طائرة مقاتلة ليبية صاروخ جو-جو لم يُصب طائرة تجسس أمريكية كانت تحلق فوق البحر المتوسط، ولم يتخذ الأسطول البحري المرافق أي عمل مضاد. وفى مارس 1981 أعلن وزير الخارجية في ذلك الوقت، ألكسندر هيغ (Alexander M. Haig Jr.)، ولأول مرة على لسان مسؤول أمريكي كبير، بأن "لديه أدلة دامغة على وجود معسكرات تدريب إرهابيين في ليبيا". ثم تبعه الرئيس ريغان، في 6 مايو 1981، بطلب إقفال وطرد البعثة الليبية الدبلوماسية، والتي كانت تعرف باسم المكتب الشعبي، وذلك بسبب اتهام موظفيها بأعمال "غير قانونية وغير دبلوماسية"، منها دعم الإرهاب، ومضايقة بعض المعارضين الليبيين المقيمين في الولايات المتحدة".
وفى 19 أغسطس 1981 أسقطت طائرات أمريكية تابعة لحاملة الطائرات نيمتز (Nimitz) مقاتلتين ليبيتين فوق خليج السدرة، وذلك، حسب الرواية الأمريكية، عندما أطلقت الطائرات الليبية صواريخ جو-جو باتجاه المقاتلات الأمريكية.
فى 1970 , أعلنت ليبيا عن منطقة تمديد 12 ميلا لمياهها الإقليميةفى مياه خليج سدرة , مما دفع قوات البحرية الامريكية لاجراءعمليات حرية الملاحة فى منطقة ,أطلق عليها "خط الموت". عندما تكثفت هذه العمليات كان رونالد ريجان قد جاء الى منصبه; فى أغسطس 1981, وكان قد رخص لقوة بحرية كبيرة, بقيادة يو اس اس فوريستال و نيمتز, أن تنتشر قبالة السواحل الليبية. القوات الجوية الليبية ردت عن طريق نشر عدد كبير من الصواريخ الاعتراضية والمقاتلات القاذفة. في وقت مبكر من صباح يوم 18 أغسطس ، عندما بدأت الولايات المتحدة تمارس, التدريبات والطلعات الجوية فإن 3 طائرات ميج 25 ‘فوكس باتس’ قد اقتربت من حاملتي الطائرات الأميريكية , ورافقت بعيدا من طراز اف 4 فانتوم 2 تال ق من وفوريس إف فوريس و إف-14 ڤ إف-41 و ف إف 84 ]] من نيمتز. وحاول الليبيون تحديد الموقع للقوات البحرية الأميريكية بدقة . فأنطلق 35 -زوجا من ميج-23 ‘فلوجرز’, ميج25 -, سوخوى سوخوى إس يو-17-20 ‘فيترز-سى’, إس يو-22 إم ‘فيتر-جى إس’ و ميراج إف-1 تطير داخل المنطقة, و أعترضت فورا بسبعة أزواج من إف-14 و إف-4. و كان الوضع خطرا, و لم يطلق أى من الجانبين النيران , حتى فى حالين على الأقل حينما حاولت ,إثنتان من طائرات ميج-25-حاولتا الإقتراب من المقاتلات الأميريكية بالطيران عاليا وبسرعة.
فى الصباح من أغسطس 19, إثنتان من فى إف-41 "بلاك آسيس" إف-14 أإس, "فاست إيجل 102" (سى دى آر هنرىكليمان/الملازم فنليت) و "فاست إيجل 107" (الملازم لورانس موكزنسكى موكزنسكى/جى جى جيمس الملازم أندرسون), كانو يحلقون فى دورية قتال لتغطية طائرة قد إشتبكت فى تدريب إطلاق صاروخ .إى-2 بى هوك من ڤى أى دبليو-124 وظهرت على شاشات الرادار إثنتان من طائرات سوخوى إس يو-22 فيترز اللتان إنطلقتا من قاعدة عقبة بن نافع الجوية بالقرب من طرابلس.
كليمان و ڤينليت إف-14 توم كات من الحادث وهي معروضة حاليا في مكتبة رونالد ريغان الرئاسية في سيمي فالي ، كاليفورنيا.
و قد أمرت طائرتا إف-14 بالإشتباك. قبل العبور فقط ببضع ثوان , على مسافة تقدر ب 300 م , وأطلق أحد الطيارين الليبيين أىأى "أتوول" على واحدة من من طائرتى إف-14 و لقد أخطأها. ثم حلقت طائراتى السوخوى و تخلفتا خلف الطائرات الأميريكية وحاولتا الهرب. و هربت التوماكات و حاولتا معاودة إطلاق النار من خلال "قواعد الاشتباك"التي كلفت بالدفاع عن النفس ضد الشروع في عمل عدائي. و إستدارت طائرات إف-14 فى إبحار صعب وجاءا وراء الطائرات الليبية. و أطلق الأميريكيونأآى إم-9 إل سايدوايندرز; و كانت الضربة القاتلة الأولى تعزى إلى إيجل 102 سريعة, وكانت الثانية إلى إيجل 107 السريعة أيضا,وكان الطياران الليبيان قد قذفا بنفسيهما لدى الإصابة.
المتحدث الرسمى بإسم أسطول الولايات المتحدة الأميريكية يذكر التقرير أن كلا من الطيارين الليبيين قد قذفا بنفسيهما, وقد تم إستعادتهم بنجاح , لكن المسؤول في تسجيل صوتي للحادث مأخوذ من يو اس اس بيدلو أن واحدا من طيارى إف-14 رأى أحد الطيارين الليبيين ينطلق من طائرته, ولكن المظلة لم تفتح.[1]
و بعد أقل من ساعة, و بينما كان الليبيون يجرون عملية بحث وانقاذ للطيارين اللذان اسقطت, اثنين من الطائرات المسلحة بشكل كامل من طراز ميج-25 دخلت المجال الجوى للخليج وتوجهت ناحية حاملات الطائرات الأميريكية بسرعة 1.5 ماخ وأجريت هجوما وهميا فوق وفي اتجاه يو اس اس نيميتز. إثنتان من الطائرات فى إف -41 توم كات وواحدة فى إف-84 توم كات, توجهت ناحية الطائرات الليبية, التى إستدارت عائدة حينئذ. وعادت التوم كات إلى قواعدها , , ولكنها أضطرت للعودة مرة أخرى عندما توجهت الطائرات الليبية مرة أخرى ناحية الحاملات الأميريكية . وبعد رصدهم من قبل ‘الرادارات لإف- 14 , قفلت طائرات الميج راجعة تشكيل ليبي واحد خرج الى خليج تجاه القوات الامريكية في وقت لاحق من ذلك اليوم.[2] فإن التوترات الدولية والحوادث كلاب القتال في السينما أعلى غون و الحديد النسر وضعت في جزء من هذا الحادث. .[بحاجة لمصدر]
- ^ USS Biddle Ship’s History 1967–1993 (Audio recording from the dogfight and a short text transcript). United States Navy: (1981-08-18).
- ^ Libyan Wars, 1980-1989, Part 2 By Tom Cooper
وبعد هذه المواجهة العسكرية فوق مياه المتوسط، فرضت أمريكا، في 28 أكتوبر 1981، حظراً على تجارة الطائرات والمعدات الجوية وقطع غيارها حتى "تعرقل قدرة السلاح الجوى الليبي في خوض مغامرات عسكرية ضد الدول المجاورة". وفى نفس الشهر حامت شبهات على أن المخابرات الليبية كانت وراء دسّ عبوات ناسفة بمبنى أقيمت فيه سهرة ليلية شارك فيها دبلوماسيون من السفارة الأمريكية بالخرطوم في السودان.
ورغم هذا التوتر الذي وصل إلى مستوى المواجهة العسكرية بين الدولتين، استمرت الشركات الأمريكية للبترول في مواصلة نشاطاتها في ليبيا، إلا أن شركة إكسون (Exxon) قررت، وبشكل مفاجئ، في 18 نوفمبر 1981، التخلي عن عملياتها ومغادرة ليبيا. كما ألصقت بعض المصادر مقتل الملحق العسكري، بسفارة أمريكا في باريس بتاريخ 6 ديسمبر 1981، بنشاطات ليبية مشبوهة. وفى اليوم التالى، 7 ديسمبر، أعلن الرئيس رونالد ريغان عن وجود أدلة، لا تقبل الشك، تثبت تورط النظام الليبي في إرسال "فرق اغتيال" لقتل موظفين كبار بالحكومة الأمريكية، وأصدر أمراً لكل المواطنين المقيمين في ليبيا آنذاك، نحو 1500 أمريكياً، بمغادرتها فوراً "بسبب الخطر الذي يمثله النظام الليبي على سلامتهم". وبناء على ذلك أطلقت الصحافة الأمريكية على القذافى لقب "أخطر رجل في العالم!". واستجابة لأوامر الحكومة، بادرت الشركات الأمريكية للبترول بسحب موظفيها، واستبدالهم بموظفين أوربيين وأجانب.
حظر استيراد البترول والغارات الجوية:
أصدر الرئيس ريغان حظراً على استيراد البترول الليبي الخام بتاريخ 10 مارس 1982، وتم إيقاف صفقة بيع 12 طائرة بوينغ كانت ليبيا قد تعاقدت عليها بمبلغ 600 مليون دولار في شهر ديسمبر من نفس السنة. كما صرح، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ويليام كاسي (William J. Casey)، بأنه قد بدأ القيام بعمليات ضد تدخل ليبيا العسكري في تشاد، وأنه يقوم أيضاً بالتعاون مع بعض فصائل المعارضة الليبية التي أعلنت رغبتها في التخلص من القذافى. وفى عام 1983 أرسلت الإدارة الأمريكية طائرات أواكس (ِAWACS) لكل من مصر والسودان لمراقبة ما يحدث في تشاد. وفى عام 1984 اتهمت أمريكا ليبيا بالتآمر والقيام بوضع ألغام في البحر الأحمر. وفى عام 1985 أعلن ريغان أنه قد وافق على برنامج سرى للإطاحة بالقذافي، بينما قامت وزارة الخارجية في 15 نوفمبر بمنع استيراد أي منتجات ليبية بترولية مكررة.
وفى 27 ديسمبر 1985 مات أكثر من 20 مدنياً، منهم 5 أمريكيين، وجرح نحو 110 مواطناً في الهجوم الذي حدث على مطاريّ روما وفيينا. وقد ربط مسئولون أمريكيون ليبيا بهذه الحوادث عن طريق دعمها لمجموعة أبو نضال. وطلب كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية من دول العالم ممارسة ضغوط اقتصادية حتى ترتدع ليبيا عن مساندة الإرهاب. وفى 7 يناير 1986، أصدر ريغان قراراً بتضييق حجم المبادلات التجارية مع ليبيا، وتجميد أرصدتها المالية المتواجدة بالبنوك الأمريكية (أكثر من مليار دولار)، ومنع السفر من وإلى ليبيا. غير أن هذه المقاطعة لم تجد أي حماس من الأوربيين الذين رفضوا التعاون مع إدارة ريغان رغم إلحاحها الشديد. وفى نفس الوقت، عُقدت مناورات قرب الشواطئ الليبية بتاريخ 23 يناير 1986، وقامت باختراق "خط الموت" الذي رسمه القذافي في خليج السدرة، مما أدى إلى حدوث مناوشات عسكرية كان حصيلتها قصف وتدمير بطاريات صواريخ من طراز سام أرض-جو داخل الأراضي الليبية، وإغراق عدة قوارب هجوم ليبية حاولت الاقتراب من سفن الأسطول السادس. ولم تعلن ليبيا عن عدد ضحايا هذه المعارك.
تسبب انفجار بملهى لابيل (LaBelle) الليلي ببرلين، في 5 أبريل 1986، بمقتل ثلاثة مواطنين، اثنين منهم جنود أمريكيون، وجرح 200 منهم 60 مواطناً أمريكياً. صرح بعدها الرئيس ريغان بأن ليبيا وراء هذا العمل الإرهابي، وأصدر أوامره بشن غارة جوية شارك فيها مائة طائرة قصفت، في 15 أبريل 1986، مدن وقواعد عسكرية مما أدى إلى موت 70 شخصاً حسب المصادر الليبية. وفى 5 مايو 1986 استطاعت أمريكا أن تقنع "السبع الكبار" بشجب الدور الليبي في دعم الأرهاب، وتطالبهم بأخذ خطوات عملية ضد النظام الليبي منها حظر تصدير الأسلحة، وتقليص عدد البعثات الدبلوماسية، وتسهيل تبادل المتهمين بقضايا إرهابية، وتطوير التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية المختلفة. كما ضغطت إدارة ريغان على الشركات البترولية المتبقية بضرورة تصفية حساباتها والخروج من ليبيا قبل نهاية شهر يونيو 1986.
حادثة تفجير لوكربي:
أشارت أصابع الاتهام أول الأمر باتجاه إيران وسوريا عندما وقع حادث انفجار رحلة با نام (Pan Am) رقم 103 فوق قرية لوكربي، الإسكتلندية، الذي راح ضحيته 270 شخصاً، بتاريخ 21 ديسمبر 1988. ثم بعد تحقيق طويل ومكلّف، أعلنت كل من بريطانيا وأمريكا وفرنسا في صحيفة اتهام مشتركة، بتاريخ 14 نوفمبر 1991، بأن المسئول عن هذه الكارثة هم عناصر بالمخابرات الليبية، وطلبت من ليبيا تسليم المشتبه فيهم للقضاء، والتعاون بإجراءات التحقيقات، ومعاقبة الجناة إحقاقاً للعدالة، وإن لم تفعل ذلك فسيكون نصيبها مقاطعة اقتصادية حتى تستجيب لهذه المطالب. قبضت أجهزة الأمن الليبية على رجلين مشتبه فيهم بتاريخ 4 ديسمبر 1991، ولكنها رفضت تسليمهما إلى بريطانيا أو إلى أمريكا. ولما بدأت ليبيا بالمماطلة، سعت الولايات المتحدة باستصدار قراراً من مجلس الأمن بالأمم المتحدة، في 13 مارس 1992، نص على حظر الرحلات الجوية من وإلى ليبيا، ومنع بيعها أي أسلحة.
ونظراً لعدم امتثال ليبيا لمطالب الأمم المتحدة، استصدر مجلس الأمن قراراً آخراً، بتاريخ 11 نوفمبر 1993، طالب فيه بحظر بيع المعدات والآلات البترولية، وتجميد كل الأرصدة الليبية بالخارج، ويطلب تسليم المتهمين للقضاء الإنجليزي. أعلنت ليبيا عن استعدادها لإرسال المتهمين إلى جهة ثالثة محايدة، ولكن قوبل هذا العرض بالرفض من قبل لندن وواشنطن. وفى تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان، الصادر في أبريل 1995، اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية ليبيا بالاستمرار في تمويل الإرهاب وقتل المعارضين الليبيين لنظام القذافي. وفي 22 ديسمبر من نفس العام، أصدر الكونغرس قانوناً، دفع به السناتور إدوارد كينيدي (Edward Kennedy)، يمنع الشركات من الاستثمار في قطاعي البترول الليبي والإيراني بما يزيد عن مبلغ 40 مليون دولاراً . وقد عارضت دول الاتحاد الأوروبي، بشدة، مشروع هذا القانون الذي اشتمل أيضاً علي عقوبات صارمة لكل شركة تسعي إلى تحويل أو بيع أي تكنولوجيا متقدمة إلي ليبيا. وفي عام 1996، أصدر الكونغرس قانوناً ضد الإرهاب يسمح لعائلات ضحايا لوكربي برفع قضية ضد الحكومة الليبية أمام القضاء الأمريكي. فيما أصدرت ليبيا تقريراً طويلاً بتاريخ 14 أكتوبر، من نفس السنة، يتناول الآثار المدمرة للعقوبات الدولية والتي كلفت الاقتصاد الليبي نحو 19 مليار دولار وتسببت في موت نحو 2100 من المواطنين.
وفي 8 مايو 1997 طار القذافي، مخالفاً الحظر الجوي لأول مرة في زيارة للنيجر. وفي 19 أكتوبر 1997 أرسلت الحكومة الليبية برسالة إلي أقارب وعائلات ضحايا لوكربي طالبتهم فيها بقبول تعويضات مالية، والعمل علي إنهاء المقاطعة الدولية. وفي نفس الشهر، زار الرئيس نيلسون مانديلا طرابلس، التي سافر إليها عن طريق البر احتراماً للحظر الجوي، وكان مانديلا أهم شخصية دولية تزور القذافي منذ قرار مجلس الأمن الصادر سنة 1992. هذا وقد طلبت الحكومة الليبية ، في 20 مارس 1998، من مجلس الأمن مناقشة موضوع العقوبات، والنظر إلي آثاره "الخطيرة" علي المجتمع الليبي، إلا أن ممثل الولايات المتحدة بيل ريتشاردسون (Bill Richardson) حمّل مسئولية معاناة الشعب الليبي علي مماطلة الحكومة الليبية وعدم امتثالها لقرارات الشرعية الدولية.
تسليم المتهمين في تفجير لوكربي:
صرح كل من وزيرة الخارجية الأمريكية، مادلين أولبرايت (Madeleine Albright)، ووزير الخارجية البريطاني روبن كوك (Robin Cook)، بتاريخ 24 أغسطس 1998، عن استعدادهما لقبول مشروع تسليم المتهمين الليبيين إلى هولندا لمقاضاتهما أمام القضاء الإسكتلندي. وطُرح هذا المشروع كمحاولة أخيرة لحل الأزمة، وفي حال عدم تجاوب ليبيا فإن الدولتان سوف تطالبان بفرض مقاطعة البترول الليبي. وفي 27 أغسطس، صوّت مجلس الأمن بأنه سيُعلق تطبيق العقوبات إذا ما وافق القذافي علي تسليم المشتبه فيهما ارتكاب الجريمة للمثول أمام المحكمة. قبل القذافي العرض ولكن طلب الحصول علي ضمانات من الأمم المتحدة. ثم كرر ذلك بوزيد دورده، ممثل ليبيا بالأمم المتحدة، في خطاب أمام الجمعية العامة، ألقاه بتاريخ 6 سبتمبر 1998، وقال فيه إن هذا العرض الأخير: "سمّ مدسوس بالعسل!"، وأصرّ علي الحصول علي مزيد من
القذافى واداره بوش الابن 2003
العلاقات الليبية الامريكية تدخل الى مرحلتها الجديدة
قالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس إن علاقات بلادها مع ليبيا قد دخلت "مرحلة جديدة."
وقالت رايس إن زيارتها لليبيا تثبت ان واشنطن ليس لديها "اعداء دائمين."
ووصفت رايس المحادثات التاريخية التي اجرتها مع الزعيم الليبي معمر القذافي في طرابلس الغرب بالمثمرة.
وجرى اللقاء في مقر الزعيم الليبي في طرابلس.
وقالت المسؤولة الامريكية: "إن زيارتي لليبيا تبرهن ان حكومة الولايات المتحدة مستعدة للرد بالمثل اذا قررت الدول الاخرى تغيير سياساتها تغييرا جوهريا. وانا شخصيا لم اكن اتوقع ان ازور ليبيا. ان زيارتي تشير الى المدى الذي تطورت فيه علاقاتنا الثنائية، الا انها تعتبر بداية وليست نهاية المطاف."
وقالت رايس في مؤتمر صحفي مشترك عقدته مع نظيرها الليبي عبدالرحمن شلقم إن العلاقات بين البلدين بدأت بداية موفقة.
واضافت: "انها بداية فقط، ولكن بعد عدة سنوات (من الجفاء) انه لشئ جيد ان يتفق البلدان على المضي قدما."
وقالت الوزيرة الامريكية إنها اثارت موضوع حقوق الانسان مع المسؤولين الليبيين الذين التقت بهم، بطريقة "ملؤها الاحترام" على حد تعبيرها.
الا انها لم تتطرق الى سجناء بعينهم في معرض ردها على سؤال طرحه احد الصحفيين عما اذا كانت قد اثارت قضية المعارض الليبي فتحي الجهمي (المحتجز في مصح في طرابلس) وغيره من المنشقين.
واضافت ان البلدين سيوقعان على اتفاقية للتعاون الثقافي، كما تأمل الولايات المتحدة في تعيين سفير لها في طرابلس قريبا.
مجلس الامن
وقالت رايس إن البلدين قد حققا تقدما حقيقيا، واضافت: "نحن نعمل الآن على صياغة هيكل للاستثمار التجاري من شأنه تحسين مناخ الاستثمار، وهو مطلب الكثير من الشركات الامريكية."
واضافت: "نحن نتعاون ايضا في موضوع عضوية ليبيا في مجلس الامن التابع للامم المتحدة." الا انها قالت إن المحادثات في هذا الموضوع ما زالت في مراحلها الاولى.
وقالت المسؤولة الامريكية: "إن العلاقة بين الولايات المتحدة وليبيا ما لبثت تتحرك في الاتجاه الصحيح منذ مدة ليست بالقصيرة، ولكن ما زال امامنا شوط طويل. مع ذلك، فقد تمكنا من صياغة اطار متين لعلاقاتنا الثنائية."
وكانت رايس قد امضت ساعتين في اجتماع مغلق مع الزعيم الليبي.
وقالت الوزيرة الامريكية إنها حاولت طمئنة القذافي فيما يخص الخطة الامريكية لتأسيس قاعدة عسكرية امريكية رئيسية في افريقيا باعتبارها – اي القاعدة المسماة افريكوم – تهدف الى "مساعدة الافارقة على مساعدة انفسهم" في شتى المجالات ولاسيما مجال حفظ السلام.
وكررت رايس ان ليس للولايات المتحدة اعداء دائمين.
علاقات البلدين
وكانت العلاقات الليبية الأمريكية شهدت في ثمانينيات القرن الماضي أزمات حادة مثل اتهام ليبيا بالتورط في تفجير ملهى يرتاده جنود امريكيون في برلين الغربية عام 1986 و تفجير طائرة ركاب أمريكية فوق بلدة لوكربي الإسكتلندية عام 1988.
وقامت الطائرات الأمريكية بغارة جوية على طرابلس وبنغازي عام 1986 إثر تفجير ملهى برلين الذي قتل فيه ثلاثة بينهم جنديان أمريكيان وأصيب 230.
غير ان العلاقة بين ليبيا والولايات المتحدة قد شهدت تحسنا نوعيا منذ عام 2003، عندما قبلت طرابلس بمحاكمة اثنين من مواطنيها لاتهامهما بالتورط في تفجير لوكربي الذي قتل فيه 280 شخصا، كما بدأت في اتخاذ إجراءات تعويض عائلات الضحايا.
ووافق الزعيم الليبي معمر القذافي في نفس السنة على التخلي عن البرامج الليبية للتسلح النووي والكيماوي والجرثومي.
وفي أغسطس/ آب الماضي تم التوصل إلى اتفاق شامل تدفع طرابلس بموجبه مئات الملايين من الدولارات لصندوق لتعويضات أسر ضحايا لوكربي وتفجير ملهى برلين الغربية.
وكان ديفيد ويلش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط قد تولى ملف التفاوض مع طرابلس بشأن تعويضات عائلات الضحايا.
وقد احتج بعض أفراد هذه العائلات على زيارة رايس إلى طرابلس معتبرين انها تمنح شرعية دولية للقذافي. وقال ويلش إن تخلي ليبيا عما أسماه بالإرهاب و برامج التسلح النووي والكيماوي والجرثومي يمثل انتصارا دبلوماسيا لإدارة الرئيس جورج بوش.
واعتبر ويلش أن علاقات واشنطن مع طرابلس تقوم حاليا على أسس متينة.
وقال المسؤول الأمريكي إن رايس ستثير في محادثاتها مع القذافي مسألة حقوق الإنسان في ليبيا، واوضح ان الوزيرة ستتناول القلق الأمريكي تجاه هذا الملف أيضا في بقية محطات جولتها .